للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحو المنع من المناكحة والموارثة، والدفن في مقابر المسلمين، إذا ثبت هذا ومعلوم أن صاحب الكبيرة ممن لا يستحق العقاب العظيم ولا تجري عليه هذه الأحكام، فلم يجز أن يسمى كافراً ١. ومن أدلة المعتزلة أيضاً على قولهم بالمنزلة بين المنزلتين ما ذكره عضد الدين الأيجي في المواقف حيث ذكر احتجاجهم على ذلك بوجهين:

أحدهما: ما تقدم من أن الإيمان عبارة عن الطاعات، وأن الفاسق يعامل في الدنيا معاملة سائر المسلمين.

أما الوجه الثاني: فهو ما قاله واصل بن عطاء لعمرو بن عبيد، فرجع عمرو إلى مذهبه وهو أن فسقه معلوم وفاقاً، وإيمانه مختلف فيه، أي الأمة مجمعة على أن صاحب الكبيرة فاسق واختلفوا في كونه مؤمناً أو كافراً فنترك المختلف فيه ونأخذ بالمتفق عليه ٢.

وهذا هو الدليل الأساسي الذي يستدل به القوم، ويوضحه القاسم الرسي بقوله ... والأمة مجمعة على أن من أتى كبيرة، أو ترك طاعة فريضة كالصلاة والزكاة والصيام من أهل الملة فهو فاسق، وهي مختلفة في غير ذلك من أسمائه. قال بعضهم: هو مشرك فاسق منافق، فكلهم قد أقرَّ بأنه فاسق كافر٣، وقال بعضهم: فاسق منافق فكلهم قد أقر بأنه فاسق، واختلفوا في غير ذلك من أسمائه. فالحق ما أجمعوا عليه من تسميتهم إياه بالفسق، والباطل ما اختلفوا فيه، ففي إجماعهم الحجة والبرهان٤.

وهذا كله ـ كما سبق وأن قلت ـ لا يعدو كونه كلاماً في حكم دنيوي وهو القدر الذي يختلفون فيه مع الخوارج، حيث قالوا بكفره ابتداءً،


١ عبد الجبار بن أحمد، المصدر السابق ص٧١٢.
٢ انظر: المواقف بشرح الجرجاني، ج٨ ص٣٣٨، ط١، مطبعة السعادة، مصر، سنة ١٣٢٥هـ ـ١٩٠٧م.
٣ هذا هو رأي الخوارج في مرتكب الكبيرة.
٤ القاسم الرسي، كتاب العدل والتوحيد، ضمن مجموعة رسائل العدل والتوحيد تحقيق محمد عمارة، ج١ ص١٣٠، ط مطابع مؤسسة دار الهلال، سنة ١٩٧١م.

<<  <   >  >>