قبل البدء في إيضاح مذهب الخوارج في الإيمان، أحب أن أقدم بين يدي القارئ تعريفاً لهذه الفرقة، حتى يكون على علم بأصلها، والظروف التي أدت إلى ظهروها.
فالخوارج فرقة من أشهر الفرق الإسلامية، ومن أقدمها ظهوراً. فقد ذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ في حوادث سنة سبع وثلاثين من الهجرة النبوية، التي وقعت فيها موقعة صفين بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، أن هذه الفرقة ظهرت في هذا العام إثر قصة التحكيم. حين رفع حزب معاوية المصحف على أسنَّة الرماح، ونادوا بتحكيم كتاب الله تعالى، فأجابهم عليّ إلى ذلك، وكان من الأمر ما كان.
ونتيجة لهذا التحكيم خرج قوم من حزب عليّ عليه، يقرب تعدادهم من اثني عشر ألفاً، وانحازوا إلى قرية حروراء ـ معلنين سخطهم لعلي حين رضي التحكيم وقالوا له كلمتهم المشهورة: لا حكم إلا لله ـ وهي كلمة حق أُريد بها باطل ـ وانتقدوا عليه أموراً، على رأسها مسألة التحكيم هذه التي كانت ذريعة لهم في انفصالهم عن عليّ، ومناصبته العداء. وأرسل عليّ إليهم عبد الله بن عباس، فناظرهم، ورجع منهم من رجع، وبقي أكثرهم. فخرج عليّ رضي الله عنه لقتالهم، وحروبه معهم كثيرة مبسوطة حوادثها في