للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه أدلة على وجوب الإيمان باللسان نطقاً ١.

ومن أبرز الأدلة على أن الأعمال من الإيمان: تسميته سبحانه للصلاة إيماناً في قوله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ٢. وإنما نزلت في الذين توفوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم على الصلاة إلى بيت المقدس، فسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فنزلت هذه الآية ٣. ثم أنزل الله تبارك وتعالى فرض الزكاة، حيث قال سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ٤، فلو أنهم ممتنعون من الزكاة عند الإقرار، وأعطوه ذلك بالألسنة وأقاموا الصلاة، غير أنهم ممتنعون من الزكاة، كان ذلك مزيلاً لما قبله، وناقضاً للإقرار والصلاة، كما أن إباء الصلاة قبل ذلك ناقض لما تقدم من الإقرار٥.

وقد أورد أبو عبيد القاسم بن سلام قوله تعلى: {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُون (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣) } ٦، وقوله سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّه} ٧. أوردها كدليل على أن العمل من الإيمان، وقال بعد ذلك: أفلست تراه تبارك وتعالى، قد امتحنهم بتصديق القول بالفعل، ولم يكتفِ منهم بالإقرار دون العمل، حتى جعل أحدهما من الآخرة؟ فأي شيئ يتَّبع بعد كتاب الله


١ الآجري، محمد بن الحسين، المصدر المذكور آنفاً ص ١٢٠.
٢ البقرة: ١٤٣.
٣ أخرجه البخاري من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، ج١ ص٩٥ ط المطبعة السلفية.
٤ التوبة: ١٠٣.
٥ أبو عبيد القاسم بن سلام، كتاب الإيمان، رسالة رقم ((٢)) من رسائل كنوز السنة تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ص٥٦ ط المطبعة العمومية بدمشق بدون تاريخ.
٦ العنكبوت: ١-٣.
٧ العنكبوت: ١٠.

<<  <   >  >>