للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففرّق هذه الأمة وباعد بين قلوبها، مع وضوح المنهج الرّباني، وصراحة الوحي في كل ما قرره وأرشد إليه.

وإن هذا الاختلاف الذي حدث في الأمة الإسلامية، كان منشؤوه العدول عن منهج القرآن الكريم واستبداله بمناهج عقلية سقيمة أدّت بأصحابها إلى الفرقة والتناحر والضلال.

ولما كانت مسألة الإيمان من أهم المسائل التي وقع الافتراق فيها بين إفراط وتفريط، مع أن الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صريحة الدلالة إلى ما يجب أن يُتبع وما ينبغي أن يُقال في هذا الموضوع.

ولما كانت هذه المسألة، مسألة مصيرية بالنسبة للإنسان المسلم، فقد توكلت على الله وقررت أن يكون موضوع رسالتي ((الإيمان بين السلف والمتكلمين)) وذلك لعدة أسباب منها:

أولاً: أن السلف الصلاح قد تمسكوا في بيانهم لِما يتعلق بالإيمان، بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولم يتعسّفوا في توجيه الدليل، فكان بيانهم لهذه المسألة واضحاً جلياً، لا تعقيد فيه ولا غموض.

ثانياً: أن مذهب السلف هو المذهب المنطقي الذي يتماشى مع صرح القرآن وصحيح السنة.

ثالثاً: أن مذاهب المتكلمين مع تمسكها هي أيضاً بالوحي قد تكلّفت في توجيه نصوصه، وتعسّفتها، وحمّلتها ما لا تحتمل من معانٍ، ووجهتها غير وجهتها بغض النظر عن بعض الفرق التي وافقت السلف في بعض ما ذهبوا إليه.

رابعاً: أن المتكلمين قد ظلموا الإنسان المسلم، وجاروا عليه، إذ أن منهم مَن أُطلق له العنان حتى جاروا على الدين نفسه فمحوه كلية من ملامح الحياة وذلك بادعائهم أن الإنسان في حلٍّ مما يفعل وما يقول إذا اشتمل قلبه فقط على الإيمان. ومنهم مَن ظلم الإنسان المسلم أيضاً بإخراجه عن نطاق الإسلام وإدخاله في الكفر البواح.

<<  <   >  >>