للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذكره ابن الصلاح هنا. إذ أننا نظرنا إليه بنظرتين، فإذا نظرنا إليه من الناحية الشرعية المعتبرة، ارتسم أمامنا القول الأول، إذ من الناحية الشرعية لا يمكن أن يوجد إسلام بدون إيمان، فالأسلام المعتبر لا بد معه من إيمان يصححه.

أما هذا المعنى الذي ذكره ابن الصلاح فيمكن أنه يقصد أن كل مؤمن كامل الإيمان فهو مسلم.أما المؤمن العاصي، فإنه ناقص الإيمان، فلا يُعطى الاسم الكامل إلا بقيدٍ، أو يقال أنه مسلم ولا يقال مؤمن، لأن الإطلاق لا يكون إلا للكامل منه فحينئذٍ يكون مسلماً وليس مؤمناً بمعنى أنه ليس كامل الإيمان، لا أنه لا إيمان معه البتة.

وقد يراد به المعنى اللغوي للإسلام، والمعاملة الظاهرة من قبَلنا لِمَن ادعى ذلك، ففي اللغة اسم المسلم يُطلق على المنافق الذي يدَّعي الإسلام، ولنا أن نعامله في الظاهر بأنه مسلم، فمَن أسلم بظاهره دون باطنه فهو منافق يُقبل منه ما أظهر من إسلام، لأننا لم نؤمَر بالشقِّ عن قلوب الناس، والنفاذ إلى ما وَقَرَ فيها لِتَبيُّنه، ثم اعتبار ما أخفاه في قلبه نَكِلَه إلى الله سبحانه وتعالى، لأنه هو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولا المعنيين صحيح. لكن الظاهر أن ابن الصلاح قصد الأول منهما.

أما قوله: إن الطاعات ثمرات التصديق الباطن، فإنه يقصد الإيمان في القلب، فإنه يُوجب ويقتضي القيام بالأعمال الظاهرة، التي هي لوازم له، إذ لا يُعقل وجود الملزوم بدون اللازم، فانتفاء اللازم دليل على عدم الملزوم أو ضعفه، وحينئذٍ فكل نقص يقع في الأعمال الظاهرة إنما هو انعكاس لنقص الإيمان الباطن، وإلا فمن الممتنع أن يكون قد حصل له الإقرار، والحب والانقياد باطناً، ولا يحصل أثر ذلك في الظاهر مع القدرة عليه، لا أن الإيمان الباطن قد يكون سبباً، وقد يكون الإيمان الباطن تاماً كاملاً وهي لم توجد، كما قالت المرجئة. ومن أدلة هذا الرأي أيضاً، أن الله قد جعل ضد الإسلام والإيمان واحداً، فلولا أنهما كشيئ واحد في الحكم والمعنى،

<<  <   >  >>