للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين. ويستحق اسم الذم فيقال: سارق، وفاجر،وفاسق. وحكى عن ابن عباس رضي الله عهنما أن معناه ينزع منه نور الإيمان "١.

وفي الجمع بين هذا الحديث، حديث أبي ذر السابق: " ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ... ".

ذكر الإمام ابن قتيبة أن المقصود بنفي الإيمان في حديث أبي هريرة، هو نفي الكمال على ما اختاره النووي وعلى هذه القاعدة، يجري تفسير كل حديث ورد فيه نفي الإيمان عن مرتكب الذنب كحديث: " لم يؤمن من لم يأمن جارُه بوائقه " وأمثاله ٢.

أما حديث أبي ذر فقال في معناه: إنه لا يخلو من وجهين: أحدهما: أن يكون قاله على العاقبة، ـ يريد أن عاقبة أمره إلى الجنة، وإن عُذب بالزنا والسرقة.

والآخر: أن تلحقه رحمة الله تعالى، وشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير إلى الجنة، بشهادة أن لا إله إلا الله ٣.

أما قوله صلى الله عليه وسلم:" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كِبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان " ٤، فقد ذكر ابن قتيبة أيضاً في الجمع بين هذين الحديثين مع حديث أبي ذر السابق، أن هذا خرج مخرج الحكم. إذ المراد أنه ليس حكم من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، أن يدخل النار، ولا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر أن يدخل الجنة، والله تعالى يفعل بعد ذلك ما يشاء. ومثل هذا من الكلام، قولك ـ في دار رأيتها صغيرة ـ لا


١ النووي، المصدر المذكور آنفاً ص٤٢.
٢ انظر: تأويل مختلف الحديث لا بن قتيبة، ص١٧١، ط دار الجيل، بيروت سنة ١٣٩٣هـ ـ ١٩٧٣م.
٣ المصدر السابق نفسه ص١٧٢.
٤ هذا الحديث رواه مسلم، انظر: صحيح مسلم مع شرحه للنووي، ج٢ ص٨٩.

<<  <   >  >>