للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقرير كل معتقد فإنهم رأوا أنه ورد في الكتاب والسنة نصوص تستثني في الأمور المقطوع بثبوتها ووقوعها.

فمن القرآن الكريم قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} ١ فقد استثنى الرب تبارك وتعالى مع أن دخولهم المسجد الحرام أمر واقع مقطوع به لا محالة. وهذا دليل على جواز الاستثناء في ما هو مقطوع به كالإيمان وغيره.

أما من السنة النبوية المطهرة فما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول:" السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد " ٢. فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم شاك في موته؟ طبعاً لا. إذاً فقد استثنى في أمر مقطوع به وواقع لا محالة.

وروي أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً " ٣، فأي شك في هذا الاستثناء. وقد تقدم أيضاً أن الإيمان متضمن للعمل، ولا يستطيع أحد أن يزعم أنه أتى بأعمال الإيمان كلها.

وقد ورد أيضاً عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم يرون الاستثناء في الإيمان، كما ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أن رجلاً قال عند ابن مسعود: أنا مؤمن، فقال ابن مسعود: أفأنت من أهل الجنة؟ فقال: أرجو، فقال ابن مسعود: أفلا وكلت الأولى كما وكلت الأخرى ٤.


١ الفتح: ٢٧.
٢ مسلم، صحيح مسلم مع شرح النووي، ج٧ ص٤٠، ط المطبعة المصرية ومكتبتها.
٣ مسلم، المصدر السابق ج٣ ص٧٤.
٤ أبو عبيد القاسم بن سلام، كتاب الإيمان، رسالة رقم ٢ من رسائل من كنوز السنة بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني، ص٦٧، دمشق، المطبعة العمومية.

<<  <   >  >>