العقيدة، والدليل الذي بُنيت عليه، ويمنعون العقل من الجموح إلى ما يبعد عن الوحي من الطرق المبتدعة، ويقيدونه بالتفكر في آيات الله، وفي إيضاح العقيدة من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلك اتضح المتهج السلفي القويم:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} .
وكل مَن سايرهم في ذلك المنهج ممن جاء بعدهم إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله فإنه يُعدُّ سلفياً، فأولئك سلف، ومن تبعهم في طرق استنتاج العقائد وإيضاحها فهو سلفي.
أما المتكلمون فهم أولئك القوم الذي فضّلوا أن يسلكوا طرقاً عقلية لإيضاح العقائد، وقد تصل بهم في أغلب الأحيان إلى الإعراض عن مسلك القرآن، وتفضيل تلك المسالك العقلية على الأدلة النقلية، مما يؤدي بهم أحياناً إلى فهم لا يتفق مع الوحي، فكل من تكلم في العقائد أو في بعضها بطريق العقل المجرد فهو متكلم. وهذا اللقب فيما يظهر لي أنه قد لزمهم من جانب السلف، إذ ورد أن الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ قال:" حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنعال، ويُطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبَلَ على الكلام ". وعلى كل حال فإنهم هم أنفسهم قد ارتضوا هذه التسمية، فكانوا يُسمُّون كتبهم بها كما في ((غاية المرام في علم الكلام)) لسيف الدين الآمدي، ((ونهاية الأقدام في علم الكلام)) للشهرستاني، وغيرها.
وهذه تسمية مطابقة لِما هم عليه من مناهج، فإنك إذا فتحت كتاباً واحداً من كتبهم تجدهم يطيلون الكلام في سَوْق حجج عقلية، ومناظرات كلامية لإثبات معتقد، أو لإبطال آخر، ضاربين صفحاً في كثيرٍ من الأحيان عن مناهج القرآن والسنة.
ومناهج المتكلمين العقلية مذمومة في جملتها من جانب السلف، لأنها