للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على إطلاق اسم الكفر على المذنب بالمعنى المعروف، إذ قالوا بأنه كافر كفر نعمة لا كفر شرك. إلا أن المصيبة لم تخفّ بل بقوا على الرأي السائد عندهم، وهو استحلال دم المخالف كما ذكر ابن حزم عن الإباضية أصحاب إباض بن عمرو ما يوافق النجدات في أن مرتكب الكبيرة كافر كفر نعمة، وقالوا بأنه تحلّ موارثته ومناكحته وأكل ذبيحته وليس مؤمناً ولا كافراً على الإطلاق ١.

إلا أن أبا الحسين الملطي ـ المتوفى سنة ٣٧٧هـ، والذي يعتبر من أقدم من ألَّف في الفِرق، قَرَن هاتين الفرقتين مع أصحابهم في الرأيين اللذين ذكرهما الإسفرائيني ولم يذكر مخالفتهم في شيئ بل بيَّن أنهم على مذهب أصحابهم من القول بقتل الأطفال وإراقة الدماء واستحلال الأعراض، وتكفير الأمَّة٢. غير أن الأرجح الذي عليه أغلب مؤرخي الفرق ما ذكره الإسفرائيني بشأن النجدات وما قاله ابن حزم بشأن الأباضية.

أما الفرقة التي خالفت الخوارج في مذهبهم هذا دون جدال فهم الصفرية، فقد ذكر عنهم الإسفرائيني، أن منهم من يرى أن الذنوب التي فيها حد مقرر، لا يتجاوز بمرتكبها ما سماه الله من أنه زانٍ، أو سارق، أو قاذف، وأنه لا يُباح قتل نساء مخالفيهم ولا أطفالهم. وفي بيان هذه المخالفة من جانب الصفرية يقول الإسفرائيني: الفرقة الرابعة من الخوارج الصفرية، وهم أتباع زياد بن الأصفر، وقولهم كقول الأزارقة في فساق هذه الأمة، ولكنهم لا يبيحون قتل نساء مخالفيهم، ولا أطفالهم. وقال فريق منهم: كل ذنب له حد معلوم في الشريعة لا يُسمى مرتكبه مشركاً ولا كافراً، بل يدعى باسمه المشتق من جريمته، يقال: سارق، وقاتل، وقاذف، وكل ذنب ليس فيه حد معلوم في الشريعة مثل الإعراض عن الصلاة فمرتكبه


١ الفصل في الملل والنحل لابن حزم، ج٣ ص٢٢٩.
٢ انظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لأبي الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي، تحقيق محمد زاهد الكوثري، ص٥٢، ط سنة ١٣٨٨هـ ـ ١٩٦٨م.

<<  <   >  >>