للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وقيل الإرجاء تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يُقضى عليه بحكم ((ما)) في الدنيا، من كونه من أهل الجنة، أو من أهل النار، فعلى هذا المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان١.

فالشهرستاني يرى أن المرجئة إنما لزمهم هذا اللقب لأمرين:

أحدهما: تأخيرهم العمل عن النية والقصد.

وثانيهما: إعطاؤهم المؤمن العاصي الرجاء في عفو الله، بإرجائهم العمل عن الاعتبار في مجال الإيمان، لأن المهم عندهم هو العقد القلبي.

وذكر إرجاءً آخر لا ضير فيه، وهو تأخير حكم العاصي إلى يوم القيامة ليكون تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له دون جزم بأحد الأمرين.

هذا وقد درج أهل السنة على تسمية كل من أخَّر العمل عن الركنية في الإيمان مرجئاً وكذلك فعل بعض مؤرخي الفرق. فقد حصر شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أصناف المرجئة ـ في نظره ـ بقوله: " والمرجئة ثلاثة أصناف، الذين يقولون الإيمان مجرد ما في القلب، ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب، وهم أكثر فرق المرجئة. كما قد ذكر أبو الحسن الأشعري أقوالهم في كتابه ٢، وقد ذكر فرقاً كثيرة يطول ذكرها، لكن ذكرنا جمل أقوالهم ومنهم من لا يدخلها كجهم ومن اتبعه كالصالحي، وهذا هو الذي نصره هو وأكثر أصحابه. والقول الثاني: من يقول هو مجرد قول اللسان، وهذا لا يُعرف لأحد قبل الكرامية. والثالث: تصديق القلب، وقول اللسان، وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم٣ يعني أبا حنيفة وأصحابه.


١ الشهرستاني، محمد عبد الكريم، الملل والنحل بتحقيق محمد سيد كيلاني، ج١ ص١٣٩، مصر، مطبعة الحلبي سنة ١٣٨٧هـ ـ ١٩٦٧م.
٢ مقالات الإسلاميين، ج١ ص٢١٣-٢٢٣.
٣ ابن تيمية، المصدر المذكور آنفاً ص١٦٣.

<<  <   >  >>