للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وذكر ابن تيمية - رحمه الله - أن السبب الذي أدى بهم إلى مجانبة الصواب أنهم لم يقتصروا على أن أسماء الشيء إذا ذكرت في الكلام فالمراد بها المسميات، كما ذكروه في قوله: "يا يحيى" ونحو ذلك ولو اقتصروا على ذلك لكان صحيحاً، لأنه معنى واضح لا ينازع فيه من فهمه، ولعدم اقتصارهم على ذلك أنكر قولهم جمهور أهل السنة لاشتماله على أمور باطلة مثل دعواهم إن لفظ اسم الذي هو "اس م" معناه ذات الشيء ونفسه، وإن الأسماء - التي هي الأسماء - مثل زيد وعمرو هي التسميات، ليست هي أسماء المسميات، وكلاهما باطل مخالف لما يعلمه جميع الناس من جميع الأمم ولما يقولونه. فإنهم يقولون إن زيداً وعمراً ونحو ذلك هي أسماء الناس والتسمية جعل الشيء اسمًا لغيره، وهي مصدر سميته تسمية، إذا جعلت له اسمًا، والاسم هو القول الدال على المسمى، ليس الاسم الذي هو لفظ اسم هو المسمى، بل قد يراد به المسمى، لأنه حكم عليه، ودليل عليه١.

وجميع ما استدلوا به لا دليل لهم فيه، لأنه لا يوجد في واحد منها ما يدل على أن اسم الشيء هو ذات الشيء بعينه لأن هذا لا يتفق مع الواقع. وقد رد ابن تيمية كل دليل من الأدلة السابقة منفرداً عن الآخر بعد أن ساق الرد مجملاً، وهنا اكتفى بالرد المجمل السابق أما الرأي الأصح والأسلم منها هو ذلك التفصيل الذي أورده شارح الطحاوية فقال: "الاسم يراد به المسمى تارة، ويراه به اللفظ الدال عليه أخرى، فإذا قلت:


١ المصدر نفسه٦/١٩١-١٩٢.

<<  <   >  >>