لقد أفنى البيهقي - رحمه الله - حياته راتعاً في رياض العلم والمعرفة حتى برز في جوانب شتى من العلوم الإسلامية، وبز فيها حتى مشايخه وأقرانه، فذاع صيته في كل حدب وصوب، وسار الركبان بإنتاجه العلمي إلى كل صقع من أصقاع العام الإسلامي، فكان شاهداً حياً على سعة اطلاع البيهقي، وأصالة ثقافته. وكان نبوغه - رحمه الله - في علوم الشريعة الإسلامية أصولاً وفروعاً محل إعجاب كثير من العلماء قديماً وحديثاً حتى إن السبكي وصفه بأنه أحد أئمة المسلمين.. حافظ كبير، وأصولي نحرير ... جبلاً من جبال العلم١.
ولذلك فإن مؤلفاته في العقيدة والحديث والفقه كانت موضع عناية العلماء، حتى لا نكاد نجد مؤلفاً في هذه الفنون - ممن جاء بعد البيهقي - لم يفد منها، لأن مصنفاته العظام أصبحت فيما بعد مرتعاً خصباً ومورداً عذباً لطلاب هذا العلم الجليل، بل ولحذاقة الذين عرفوا قيمة ما حصله البيهقي من علم وجاد به لطلابه.
أما في التفسير واللغة فكان صاحب اطلاع واسع، وإن لم يكن إنتاجه فيهما بدرجة إنتاجه في العلوم الإسلامية الأخرى.