للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لوجوده ابتداء والموجود الذي لم يزل، وأصل القديم في اللسان السابق، لأن القديم هو القادم"١.

وعقب البيهقي على قول الحليمي هذا بقوله: "فقيل لله عز وجل قديم، بمعنى أنه سابق للموجودات كلها، ولم يجز إذ كان كذلك أن يكون لوجوده ابتداء، لأنه لو كان لوجوده ابتداء لاقتضى ذلك أن يكون غير له أوجده، وأوجب أن يكون ذلك الغير موجوداً قبله، فكان لا يصح حينئذ أن يكون هو سابقاً للموجودات، فقد أوجبنا ألاّ يكون لوجوده ابتداء، فكان القديم في وصفه جل ثناؤه عبارة عن هذا المعنى"٢.

وهكذا يتضح لنا تجويزه إطلاق اسم القديم على الله سبحانه ومن ثم وصفه بالقدم، لأن كل اسم عنده يشتمل على صفة كما سيأتي.

ولكن، ما مدى صحة ما ذهب إليه البيهقي في ذلك؟

الواقع إن ما ذهب إليه البيهقي هنا من تجويز إطلاق اسم القديم على الله سبحانه وتعالى مجانب للصواب ومناقض لما سبق تقريره من أنه يرى في إثبات أسماء الله تعالى التزام جانب التوقيف، ولبيان ذلك أقول: إن ما التزمه البيهقي من الاقتصار على التوقيف في أسماء الله تعالى غير متوفر له هنا، وإن حاول المحافظة على هذا المبدأ باستناده إلى ما ورد في حديث عبد العزيز بن الحصين المشار إليه آنفاً، إلاّ أن هذا الحديث لا يصلح أن يكون دليلاً له على ما ذهب إليه لما تقدم أيضاً من أنه هو نفسه


١ الأسماء والصفات ص: ٩.
٢ الأسماء والصفات ص: ٩. وانظر هذا المعنى في: الاقتصار في الاعتقاد للغزالي ص: ٩٢، والمسامرة بشرح المسايرة لابن أبي شريف القدسي ص: ٢٢.

<<  <   >  >>