للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا الرأي في العلاقة بين أسماء الله تعالى وصفاته، الذي ذهب إليه البيهقي هو الرأي السديد الذي يتفق مع العقل والمنطق ولم يخالفه فيه من مثبتي الأسماء سوى ابن حزم الذي يرى أن الأسماء جامدة ليست مشتقة أصلاً فلا علاقة بينها وبين الصفات حيث يقول:

".. وأما قولهم: هل يفهم من قول القائل "الله" كالذي يفهم من قوله عالم فقط، أو يفهم من قوله عالم معنى غير ما يفهم من قوله "الله"؟ فجوابنا أننا لا نفهم من قولنا قدير وعالم إذا أردنا بذلك الله تعالى إلا ما نفهم من قولنا الله فقط، لأن كل ذلك أسماء أعلام لا مشتقة من صفة أصلاً"١.

فهو لا يرى ثمة علاقة بين الأسماء والصفات وهذا قول باطل وادعاء لا دليل عليه، إذ أن اللغة العربية التي نزل بها القرآن وخاطب الله بها أهلها لا تساعده على ما أراد، فإنه لا يفهم من عالم وعليم وقادر وقدير إلا ذات اتصفت بصفة٢.

وهذا الرأي هو صريح مذهب المعتزلة أيضاً لأنهم أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات، ومعنى هذا أنهم لا يرون أن الصفة ثبتت بثبوت الاسم، ولذلك مزيد بيان فيما بعد إن شاء الله.

وفي قول البيهقي السابق: بأنه لولا هذه المعاني لاقتصر في أسمائه على ما ينبىء عن وجود الذات فقط، في هذا القول رد على من ذهب هذا المذهب الذي تبناه ابن حزم ووافقته عليه المعتزلة، كما أن شيخ


١ الفصل في الملل والأهواء والنحل٢/١٢٨-١٢٩.
٢ انظر: حاشية الفصل لابن حزم الصفحات السابقة نفسها.

<<  <   >  >>