للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن القيم- رحمه الله- في تقرير الرأي الذي ذهب إليه البيهقي، والرد على مخالفيه: " ... لو لم تكن أسماؤه مشتملة على معان وصفات، لم يسغ أن يخبر عنه بأفعالها، فلا يقال يسمع ويرى ويعلم، ويقدر ويريد، فإن ثبوت أحكام الصفات فرع ثبوتها، فإذا انتفى أصل الصفة استحال ثبوت حكمها وأيضا فلو لم تكن أسماؤه ذوات معان وأوصاف لكانت جامدة كالأعلام المحضة التي لم توضع لمسماها باعتبار معنى قام به، فكانت كلها سواء، ولم يكن فرق بين مدلولاتها، وهذه مكابرة صريحة وبهت بين، فإن من جعل معنى اسم "القدير" هو معنى اسم "السميع البصير" ومعنى اسم "التواب" هو معنى اسم "المنتقم" ومعنى اسم المعطي هو معنى اسم "المانع" فقد كابر العقل، واللغة والفطرة"١.

فرأى البيهقي الذي يثبت معاني أسماء الله تعالى وبذلك يثبت الصفات التي تدل عليها هو الرأي الحق، وقد وافق فيه السلف، أما رأي ابن حزم المقابل لرأي البيهقي فقد تبين بطلانه، وهو في نظري لا يبعد كثيراً عن رأي الجهمية الذي سبق أن أشرت إليه وهو القائل بنفي أسماء الله تعالى، وإطلاقها عليه على سبيل المجاز.


١ مدارج السالكين لابن القيم١/٢٩.

<<  <   >  >>