للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" ... وامتنع - أي الجهم - مما وصف الله تعالى بأنه شيء أو حيّ، أو عالم، أو مريد، وقال: لا أصفه بوصف يجوز إطلاقه على غيره كشيء وموجود، وحي، وعالم، ومريد، ونحو ذلك. ووصفه بأنه قادر، وموجد وفاعل، وخالق، ومحي، ومميت، لأن هذه الأوصاف مختصة به وحده"١.

ووصف الجهم لله سبحانه بأنه قادر مع أن العبد قادر أيضاً مبني على مذهبه الذي يرى فيه أن العبد مجبور على فعله، وأنه كالريشة المعلقة في مهب الريح، وإضافة الفعل إلى العبد إنما يكون على سبيل المجاز.

وأما المعتزلة: فإنها بجعلها الصفات غير زائدة على الذات فقد دخلت في طائفة النفاة، لأن حقيقة مذهبهم نفي صفات الله سبحانه وتعالى، لأنهم وإن أثبتوا أن الله سبحانه وتعالى قادر، حي، موجود، إلاّ أنهم اختلفوا في كيفية استحقاقه سبحانه هذه الصفات.

فأما أبو عليّ الجبّائي، وأبو الهذيل العلاف فذهبا إلى أن الله تعالى يستحق هذد الصفات لذاته، فهو سبحانه عالم لذاته، قادر لذاته مريد لذاته.

وقال أبو هاشم: "إن هذه الصفات أحوال وراء الذات، فالله تعالى عالم بعالمية، قادر بقادرية، وهذه الأحوال لا موجودة ولا معدومة"٢.

وأبرز معالم هذا المذهب أن الصفات عندهم غير زائدة على الذات، بحجة "أنه لا صفة للقديم أخصّ من كونه قديماً، أو مما يقتضي كونه قديماً من الصفة النفسية"٣.


١ الفرق بين الفرق للبغدادي ص: ٢١١-٢١٢.
٢ انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبّار ص: ١٨٢.
٣ المغني للقاضي عبد الجبّار٤/٢٥١.

<<  <   >  >>