للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويلاحظ أن طريقة البيهقي هذه تتضمن طريق الأولى التي سلكها كثير من علماء السلف، كما ستأتي إشارة ابن تيمية إلى ذلك إن شاء الله، لأنها تتضمن القول بأن ذلك إذا كان ثابتاً في حقّ المخلوق وهو صفة كمال، فالخالق سبحانه أولى بالاتصاف به، وإذا تنزه المخلوق عن الاتصاف بضده فإن الخالق أولى بالتنزه عنه.

والبيهقي وإن لم يصرح بذلك إلا أن ذلك مفهوم طريقته، والبيهقي بذلك يوافق السلف في الطرق التي سلكوها، إذ السلف كما يستدلون بالنصوص فإنهم لا يهملون العقل في هذه الناحية، بل يرون أنها كما ثبتت بالنص فهي ثابتة بالعقل أيضاً١.

إلا أن ثمة عدة طرق عقلية لإثبات هذه الصفات قال بها السلف وهذه التي سلكها البيهقي واحدة منها، ويقررها ابن تيمية بقوله: "من الطرق التي يسلكها الأئمة ومن اتبعهم من نظار السنة في هذا الباب أنه لولم يكن موصوفاً بإحدى الصفتين المتقابلتين للزم اتصافه بالأخرى، فلو لم يوصف بالحياة لوصف بالموت، ولو لم يوصف بالقدرة لوصف بالعجز، ولو لم يوصف بالسمع والبصر والكلام لوصف بالصمم والخرس والبكم، وطرد ذلك أنه لولم يوصف بأنه مباين للعالم لكان داخلاً فيه، فسلب إحدى الصفتين المتقابلتين عنه يستلزم ثبوت الأخرى وتلك صفة نقص ينزه عنها الكامل من المخلوقات، فتنزيه الخالق عنها أولى"٢.


١ مجموع الفتاوى لابن تيمية٣/ج.
٢ مجموع الفتاوى لابن تيمية (ص د، ?) .

<<  <   >  >>