للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به، أو تعمل به" ١. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عفا عن حديث النفس إلا أن تتكلم ففرق بين حديث النفس وبين الكلام، وأخبر أنه لا يؤخذ به حتى يتكلم به، والمراد: حتى ينطق به اللسان، باتفاق العلماء، فعلم أن هذا هو الكلام في اللغة، لأن الشارع إنما خاطبنا بلغة العرب٢.

فقول البيهقي في الكلام غير صحيح، لما ذكرناه من أدلة قاطعة بأن الكلام إذا أطلق فإنه إنما يراد به اللفظ والمعنى جميعاً وأن حديث النفس لا يسمى كلاماً إلا إذا قيد.

أما ما أورده أصحاب البيهقي من استدلال بقول الأخطل:

إن الكلام لفي الفؤاد......... فإني أعجب من استدلالهم بقول هذا النصراني على مسألة من أهم مسائل العقيدة الإسلامية ويزيد العجب من ذلك إذا علمنا أنهم كثيراً ما يردون استدلالات السلف على مسائل العقيدة بأنها أحاديث آحاد، كيف وقد قيل إن هذا البيت مصنوع وليس للأخطل، بل مصنوع ومنسوب إليه.

وعلى فرض صحته فإنه نصراني، وليس من اللائق أن يستدل بكلام قوم ضلوا في معنى الكلام حيث زعموا أن عيسى عليه السلام هو نفس كلمة الله، واتحد اللاهوت بالناسوت. وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله - في نونيته:


١ رواه البخاري في كتاب الإيمان حديث رقم: ٦٦٦٤، ١١/٥٤٩.
٢ شرح الطحاوية ص: ١٣٧.

<<  <   >  >>