للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول الحافظ ابن حجر معقباً على كلام البيهقي السابق: "وحاصل الاحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين، لأنها التي عهد أنها ذات مخارج"١.

ولهذه الشبهة أوّل البيهقي حديث الصوت باحتمال أن يكون الصوت للسماء، أو للملك اللآتي بالوحي، أو لأجنحة الملائكة٢.

وهو بهذا يتفق مع الأشاعرة القائلين بنفي أن يكون الله تعالى متكلماً بحرف وصوت، لأن كلامه سبحانه نفسي، أما الكلام الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نتلوه، فيقرّون بأنه حرف وصوت إلاّ أنهم يرون أنه مخلوق محدث لأنه ليس كلام الله الحقيقي، بل هو عبارة كلام الله القديم٣. كما سيأتي ذلك فيما بعد إن شاء الله.

وإذا كان كلام الله نفسياً عند البيهقي وأصحابه الأشاعرة وليس بذي حروف وأصوات فما هو الكلام الذي سمعه موسى عليه السلام وكيف سمعه مع أن الله تعالى لا يتكلم به بصوت؟

لقد أجاب البيهقي عن هذا السؤال بأن الله تعالى أزال المانع عن موسى عليه السلام الذي يمنعه من سماع كلامه بلا حرف ولا صوت، وخلق له قوة أدرك بها كلامه القديم وفي هذا المعنى يقول البيهقي - رحمه الله - عند إيضاحه لمعنى قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} ٤ يقول:


١ فتح الباري لابن حجر العسقلاني١٣/٤٥٨.
٢ الأسماء والصفات ص: ٢٧٤.
٣ انظر: المواقف بشرح الجرجاني (قسم الإلهيّات) ص: ١٤٩-١٥٠، وشرح أم البراهين للسنوسي ص: ٣١.
٤ سورة السناء آية: ١٦٤.

<<  <   >  >>