وحديث أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله" ١.
إلى غير ذلك من النصوص التي أوردها البيهقي.
ولكن هل البيهقي بإيراده لهذه النصوص يثبت اليمين والكف صفتين لله تبارك وتعالى، أم ما هو موقفه منها؟
الواقع أن ترجمة البيهقي لهذا الباب بعيدة عن قصد الإثبات لأننا رأيناه في الصفات التي يثبتها يترجم لها بقوله:"ماجاء في إثبات كذا..." بخلاف ترجمته للباب هنا بقوله: "باب ما ذكر..." ومقصوده بذلك أن ذكر اليمين، والكف في هذه النصوص ليس المراد به إثبات هاتين الصفتين، إذ إنه يرى أن اليمين والكف لا تخرجان عن معنى اليد.
لذلك فإن النصوص الواردة بذكر اليمين والكف على سبيل التعلق بكائن ما، صالحة لأن تكون أدلة إثبات لصفة اليد، على منوال ما تقدم ذكره في النصوص التي جعلها دليلاً لإثبات هذه الصفة.
ولبيان ذلك يقول: "اليمين يراد به اليد، والكف عبارة عن اليد واليد لله تعالى صفة بلا جارحة، فكل موضع ذكرت فيه فالمراد بذكرها تعلقها بالكائن المذكور معها، من الطي، والأخذ، والقبض، والبسط،
١ رواه مسلم في كتاب الزكاة رقم: ١٠١٤، ترقيم محمّد عبد الباقي ٢/٧٠٢.