للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لذلك فإن المذهب الحق الذي عليه السلف الصالح إزاء هذه الصفات هو إثباتها إثباتاً حقيقياً لله تبارك وتعالى، كما قال العلامة جمال الدين القاسمي حاكياً مذهبهم ذاك: "مذهب السلف هو إثبات ذلك من غير تكييف له، ولا تشبيه ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الكريم عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل. يجرون على الظاهر ويكلون علمه إليه تعالى، ويقرون بأن تأويله "أي ما يؤول إليه من حقيقة" لا يعلمه إلا الله. وهكذا قولهم في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح"١.

وقد أورد الإمام أبو بكر بن خزيمة النصوص التي أوردها البيهقي مستدلاً بها على إثبات صفة اليدين لله تبارك وتعالى.

وإن كلتا يديه يمين لا شمال فيهما، كما ورد في الحديث حيث قال مترجماً لبعض هذه النصوص: "باب ذكر سنة ثامنة تبين وتوضح أن لخالقنا جل وعلا يدين كلتاهما يمينان لايسار لخالقنا عز وجل إذ اليسار من صفة المخلوقين"٢.

إلا أنني أقول أن المنع من إطلاق اليسار على إحدى يدي الله سبحانه وتعالى إنما كان تأدباً فقط، لأن إثبات اليمين وإسناد بعض الشؤون إليهما كما في قوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} وكما في قوله عليه السلام: "يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار" يدل على أن له يداً أخرى سوى اليمين. فوصفتا تأدباً بأن كلتيهما يمين.


١ القاسمي، محمد جمال الدين، محاسن التأويل ١٤/ ٥١٤٩.
٢ انظر كتاب التوحيد ص: ٦٦، تحقيق دكتور محمد خليل هراس.

<<  <   >  >>