وأما الموقف الثاني: وهو قبول ما جاء في الخبر، وتأويله. فإن ذلك مبني على فرض صحّة أن ضحك النبي صلى الله عليه وسلم كان إقراراً وتصديقاً. وذلك لا يعني - في نظر البيهقي - إثبات هذه الصفة على ظاهرها، بل المقصود بما جاء في الحديث أحد أمرين:
فإما أن يكون المراد بما جاء في الحديث إظهار قدرة الله تعالى على خلقه، جرياً في ذلك على ما قيل في قوله تعالى:{وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} .
وإما أن يكون المراد بذلك إصبعاً من أصابع خلقه، لا إصبع نفسه.
فأما التأويل الأوّل: فيقول فيه: " ... ولو صح الخبر من طريق الرواية كان ظاهو اللفظ منه متأولاً على نوع من المجاز، أو ضرب من التمثيل قد جرت به عادة الكلام بين الناس في عرف تخاطبهم، فيكون المعنى في ذلك على تأويل قوله عز وجل:{وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} أي: قدرته على طيها، وسهولة الأمر في جمعها، وقلة اعتياصها عليه بمنزلة من جمع شيئاً في كفه، فاستخف حمله، فلم يشتمل بجميع كفه عليه لكنه يقله ببعض أصابعه، فقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى الرجل القوي: إنه ليأتي عليه بإصبع واحدة، أو أنه يعمله بخنصره أو أنه يكفيه بصغرى أصابعه، أو ما أشبه ذلك من الكلام الذي يراد به الاستظهار في القدرة عليه والاستهانة به"١.