للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد أوّل البيهقي هذا الحديث: "بأن المراد أن القلوب تحت قدرته وملكه، وفائدة تخصيصها بالذكر أن الله تعالى جعل القلوب محلاً للخواطر، والإيرادات، والعزوم، والنيات، وهي مقدّمات الأفعال، ثم جعل سائر الجوارح تابعة لها في الحركات والسكنات، ودلّ بذلك على أن أفعالنا مقدورة لله تعالى مخلوقة، لا يقع شيء دون إرادته، ومثل لأصحابه قدرته القديمة بأوضح ما يعقلون من أنفسهم، لأن المرء لا يكون أقدر على شيء منه على ما بين إصبعيه"١.

وهذا التأويل بعينه ما ذهب إليه ابن فورك٢ شيخ البيهقي.

كما يرى البيهقي أنه ربما كان المراد بالإصبعين: نعمتي النفع والدفع، أو أثرية في الفضل والعدل، ويؤيد هذا الاحتمال بما ورد في بعض روايات هذا الحديث: "إذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه" وقوله في سياق الخبر: "يا مقلب القلوب ثبّت قلبي" ٣.

وبهذا يتضح لنا أن رأي البيهقي في الأحاديث الواردة بإثبات الأصابع لله تعالى، تأويلها على حسب ما يقتضيه سياق كل نصّ.

فأما عن موقفنا من كلامه على الحديث الأوّل، فقد سبق بيانه.

أما الحديث الثاني فإنني أقول: إن تأويل ما ورد فيه غير جائز لأن ذلك ينافي ما ورد من أجله، فهو إلى جانب إظهار قدرة الله يثبت هذه الصفة إثباتاً حقيقياً، إذ وردت بلفظ الإفراد مرة، والتثنية أخرى، والجمع ثالثة.


١ الأسماء ص: ٣٤١، والاعتقاد ص: ٦٦.
٢ انظر: مشكل الحديث ص: ٧٧.
٣ الأسماء ص: ٣٤١.

<<  <   >  >>