للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كمال القيومية، ... فقوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} يدل على غاية عظمته، وأنه أكبر من كل شيء، وأنه لعظمته لا يدرك بحيث يحاط به، فإن الإدراك هو الإحاطة بالشيء، وهو قدر زائد على الرؤية، كما قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ كَلاَّ...} ١ فقوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} من أدل شيء على أنه يرى ولا يدرك"٢.

ولا تخفي وجاهة رأي من ذهب إلى الاستدلال بها على الرواية مفسرين الإدراك في الآية بالإحاطة.

وأما الأحاديث الدالة على إثبات الرؤية فمتواترة، وقد ذكر البيهقي - رحمه الله - بعضاً منها، ومما ذكره منها:

١ - حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناساً قالوا: يارسول الله هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تمارون في رؤية القمر ليلة البدر وليس دونه سحاب؟ " قالوا لا يارسول الله، قال: "هل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ " قالوا: لا يارسول الله، قال: "فإنكم ترونه كذلك" ٣.

٢ - حديث جرير بن عبد الله قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: "أما إنكم ستعرضون على ربّكم


١ سورة الشعراء آية: ٦١.
٢ حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ص: ٢٢٨، وانظر رأي الألوسي في روح المعاني٧/٢٤٤-٢٤٥.
٣ الاعتقاد ص: ٥١. والحديث رواه البخاري في كتاب التوحيد حديث رقم: ٧٤٣٧، ١٣/٤١٩. ورواه مسلم في كتاب الإيمان، حديث رقم: ٢٩٩، ١/١٦٣.

<<  <   >  >>