للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"وعادتي في كتبي المصنفة في الأصول والفروع، الاقتصار على ما يصح منها دون ما لا يصح، أو التمييز بين ما يصح منها وما لا يصح، ليكون الناظر فيها من أهل السنة على بصيرة مما يقع الاعتماد عليه، لا يجد من زاغ قلبه من أهل البدع عن قبول الأخبار مغمزاً فيما اعتمد عليه أهل السنة من الآثار"١.

ومن اكبر الشواهد على نبوغ البيهقي في علم الحديث، حتى أصبح حجة يركن إليها، ما حدث من أمره مع شيخه أبي محمد والد إمام الحرمين٢ حين شرع هذا الأخير في تأليف كتاب في الفقه، عزم على أن لا يتقيد فيه بالمذهب، بل يقف على موارد الأحاديث لا يتجاوزها. وما إن أنجز من هذا المؤلف الذي سماه (المحيط) ثلاثة مجلدات، حتى اطلع عليه البيهقي، فعثر فبه على أخطاء حديثية، رأى من واجبه التنبيه عليها، فكتب إلى الجويني بذلك، بأسلوب العالم الحاذق، والناقد البصير. فقد كانت تلك الرسالة القيمة مثالاً للنقد العلمي البناء، الذي تميز بالأدب الرفيع، وقوة الحجة، والقدرة على الدفع بالتي هي أحسن ولكي ندلل على ذلك نورد من تلك الرسالة اقتباسات تدل على ذلك كله وعلى ما هو أكثر منه.


١ المدخل إلى دلائل النبوّة١/٣٩، تحقيق عبد الكريم عثمان.
٢ هو: أبو محمّد، عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمّد بن حيويه الجويني، ثم النيسابوري. الإمام الفقيه الأصولي تخرج به جماعة من أئمة الإسلام، توفي في ذي القعدة عام ثمانية وثلاثين وأربعمائة. انظر تبيين كذب المفتري لابن عساكر ص: ٢٥٧.

<<  <   >  >>