للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيه، ولو علم ذلك لما تردد عن القول بما يدل عليه، وقال بعد ذلك - مبرراً تفضيله لمذهب الشافعي على سواه: "وقد قابلت - بتوفيق الله تعالى - أقوال كل واحد منهم بمبلغ علمي من كتاب الله عز وجل، ثم بما جمعت من السنن والآثار في الفرائض والنوافل، والحلال، والحرام، والحدود والأحكام، فوجدت الشافعي - رحمه الله - أكثرهم اتباعاً، وأقواهم احتجاجاً وأصحهم قياساً، وأوضحهم إرشاداً.. فخرجت - بحمد الله ونعمته - أقواله مستقيمة وفتاواه صحيحة"١.

من أجل هذه النظرة لآراء الإمام الشافعي، أولى مذهبه عناية عظيمة حتى إن إمام الحرمين الجويني أحد معاصري البيهقي قد تملكه العجب من فرط اهتمام البيهقي بأقوال الإمام الشافعي حين ألف كتابه (المبسوط) جامعاً فيه نصوصه في الفقه، فوصفه بقوله: "ما من شافعي إلاّ وللشافعي في عنقه منة، إلاّ البيهقي فإن له على الشافعي منة، لتصانيفه في نصرته لمذهبه وأقاويله"٢.

وقد بلغ من اهتمامه بالفقه أن أفرد بعض مسائله المهمة بالتأليف مثل القراءة خلف الإمام، ومسألة الخاتم، كما ألف كتاباً تناول فيه المسائل الخلافية بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة.

وقد أشاد الذهبي بسعة اطلاع البيهقي في الفقه حيث قال عنه لو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهباً يجتهد فيه لكان قادراً على ذلك لسعة علومه، ومعرفته بالاختلاف٣.


١ معرفة السنن والآثار١/١٤١، ١٤٢.
٢ طبقات الشافعية للسبكي٤/١٠.
٣ سير أعلام النبلاء١١/ ل ١٨٥.

<<  <   >  >>