للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما صفات الفعل الخبرية فلم يسعد منها شيء بالإثبات عند البيهقي إذ إنه سلك فيها مسلكين بعيدين كل البعد عن الإثبات هما: التأويل والتفويض. ففوض في الاستواء، والنزول وما في معناه كالإتيان والمجيء، وأول في ما تبقى منها.

وسنرى جميع ما أوجزته هنا واضحاً ومفصلاً في الجزء الثاني من هذا البحث بإذن الله.

إلاّ أنني أحب أن أنبه هنا إلى أن ما تقدم من عرض موجز لمنهج الاستدلال ومنهج التطبيق عند البيهقي يوضح لنا كيف أنه اتفق مع السلف في منهج الاستدلال وطريقة العرض لمسائل العقيدة، إلاّ أنه خالفهم عند التطبيق الذي هو الأهم، فلم يثبت جميع ما أثبتته الأدلة التي ساقها بل كان متردداً في منهج التطبيق، فهو سلفي في بعضه، وأشعري في بعضه الآخر. وهو أسلوب يجعلنا نحكم على البيهقي بالتناقض المنهجي في مجال التطبيق، لتردده بين الأشعرية والسلفية في ذلك، بينما كان السلف أصحاب منهج واحد استدلالاً وتطبيقاً، فأثبتوا ما كان مثبتاً بالدليل من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل، وكانوا بذلك أبعد الناس عن منهجي التأويل والتفويض.

وقد لاحظت من منهج البيهقي في إيراده لمسائل العقيدة والاستدلال عليها أنه لا يهتم برأي الخصوم في كل مسألة يوردها إذ أحيانا يتعرض لها ويناقشها، كما فعل عند بحثه لمسألة القول بخلق القرآن حين ذكر أن ذلك مذهب الجهمية، ثم تناول الرد عليهم بإسهاب

<<  <   >  >>