للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مبسوطة كالبساط، والنجوم منضودة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وضروب النبات مهيأة للمطاعم والملابس والمآرب، وصنوف الحيوان مسخرة للمراكب، مستعملة في المرافق، والإنسان كالمملك البيت المخول ما فيه، وفي هذا دلالة واضحة، على أن العالم مخلوق بتدبير وتقدير ونظام، وأن له صانعاً حكيماً، تام القدرة، بالغ الحكمة ١.

فهذا التكامل التام الذي نجده مودعاً في هذا الكون، أرضه وسماءه، يدلّ على وجود الخالق الذي أوجده وقدر ذلك الإحكام الكامل والتناسق التام، إذ لا قيمة لأرض بدون سماء هي مصدر نورها، ومنبع حياتها إذ منها ينزل المطر الذي جعله الله مصدر الحياة، ثم هذه الحياة لا قيمة لها بدون هذه الأرض التي أودع الله فيها صنوف الخيرات من أجل إسعاد هذا الإنسان الذي استخلفه الله، واستعمره فيها.

فالبيهقي - رحمه الله تعالى - يرى ضرورة الاستدلال لإثبات الصانع، بالأدلة الشرعية التي ورد بها القرآن الكريم، وهي نفس الآيات التي يستلزم العلم بها العلم بالله تعالى، استلزام العلم بالشعاع العلم بوجود مصدره. وهي - ولا ريب - طريقة سليمة، خالية من التعقيد، وجلية عن الغموض الذي اكتنف طرق المتكلمين، ولا غرو فهي طريقة القرآن الكريم التي أراد الله سبحانه وتعالى من خلالها أن تكون في متناول جميع الطبقات، وفي مستوى جميع العقول.

وهذه الطرق قد اشتملت على نوعين، ذكرها ابن رشد، وبين أنهما الطرق الشرعية السليمة التي سلكها القران الكريم، وأرشد إليها٢.


١ الاعتقاد ص: ٧.
٢ انظر: مناهج الأدلة ص: ١٥١-١٥٥.

<<  <   >  >>