للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين في هذا الحديث أن معجزته الكبرى هي الوحي، والوحي لا ينحصر في القرآن الكريم الذي هو "أعظم المعجزات وأفْيَدُها وأدومها لاشتماله على الدعوة والحجّة ودوام الانتفاع به إلى آخر الدهر" (١) . وإنّما يدخل ضمنه بيان القرآن وشرحه الذي أجراه الله على لسان نبيّه في سنته المطهّرة وقد وردت آيات كثيرة تثبت هذا المعنى من ذلك:

١ـ قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:١٦-١٩] .

فالله يطمئن رسولهصلى الله عليه وسلم في هذه الآيات ويعده -ووعده الحق- بأنّه سيجمع القرآن في صدره فيحفظه دون أن يتفلّت منه شيء ويردّده متى شاء بكلّ يسر وسيعلّمه قراءته كما نزل، وقطع سبحانه بأنه المتكفّل ببيانه، ويفسّر ابن عباس قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} بقوله: "علينا أن نبيّنه بلسانك"وفي رواية: "على لسانك" (٢) .

وعبارة "بيانه" في قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} جنس مضاف، فيعمّ جميع أصناف البيان المتعلّقة بالقرآن الكريم من إظهاره وتبيين أحكامه وما يتعلّق بها من تخصيص وتقييد ونسخ وغير ذلك (٣) . ونظراً إلى أنّ السنة هي التي بيّنت الغامض وفصّلت المجمل ووضّحت المشكل وفسّرت المبهم وقيّدت المطلق وخصّصت العام وحدّدت المنسوخ فهي المراد بقوله تعالى:


(١) فتح الباري ١٣/٢٦٢.
(٢) صحيح البخاري - التفسير- باب فإذا قرأناه فاتبع قرآنه حديث ٤٩٢٩ فتح الباري ٨/٥٥٠.
(٣) انظر فتح الباري ٨/٥٥١.

<<  <   >  >>