للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء مخالفون للقرآن، ومن اتبع القرآن على ما هو عليه من غير تحريف، كان من الأمة الوسَط، مهتديا إلى الصراط المستقيم (١) .

وقال:" والكلام في هذا المقام مبني على أصل، وهو أن الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه وفي تبليغ رسالته باتفاق الأمة، ولهذا وجب الإيمان بكل ماأُوتُوه ... وهذه العصمةُ الثابتة للأنبياء، هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة ... والعصمةُ فيما يبلغون عن الله ثابتة، فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين، ولكن هل يَصْدر ما يستدركه الله، فيَنسخ ما يُلقِي الشيطانُ، ويُحكِم الله آياته، فهذا فيه قولان، والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .... وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة، فللناس فيه نزاع، هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع، ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟ أم لا يجب القول إلا في التبليغ فقط ... والقولُ الذي عليه جماهير الناس ـ وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف ـ إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا ... وحججُ القائلين بالعصمة إذا حُرِّرت إنما تدل على هذا القول، وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أُقر عليه الأنبياء، فإن القائلين بالعصمة، احتجوا بأن التأسي بهم مشروع فيما أُقروا عليه دون مانهوا عنه، ورجعوا عنه ... وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال، أو أنها ممن عظُمت عليه النعمة أقبح، أو أنها توجب التنفير... فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع، وإلا فالتوبة


(١) الفتاوى -١٥/١٤٧/١٤٨/١٥٠/ وانظر أيضا -٥١/٥٢/ ٥٣.

<<  <   >  >>