إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد.
فإن من أفضل العلوم بعد كتاب الله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ السنة رديفة القرآن وهي جلاؤه وبيانه، فهي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديهِ ولا من خلفهِ.
ولقد وكل الله إلى رسوله تبيان هذا الكتاب بقوله:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل:٤٤] والرسول صلى الله عليه وسلم في بيانه للقرآن الكريم لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٤] .
ولما كان للسنة النبوية هذه المكانة العظمى، عرف السلف الصالح للسنة قدرها فرعوها حق رعايتها، وحفظوها في الصدور وأودعوها سويداء القلوب، ودونوها في المصنفات والكتب، وحكموها في شؤونهم.
وفي هذه الوريقات بعض بيان لأمور تتعلق بهذا النبع الصافي، والمورد العذب أجملتهُ في تمهيد وفصلين: -