للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كان الصحابة يحفظون الأحاديث عن ظهر قلب ويبلغونها للناس بطريق المشافهة إلا ما كان من بعض أفراد قلائل كعبد الله بن عمرو بن العاص فقد أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث عنه.

فعن عبد الله بن عمرو هذا أنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق" (١) .

هذا ولاختلاف الصحابة في معرفة الكتابة وعدم معرفتها وكثرة حضورهم مجالسه صلى الله عليه وسلم وقلة حضورهم اختلفوا في تحمل الحديث وأدائه قلة وكثرة فكان منهم المقل ومنهم المكثر.

هذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول: "ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فانه كان يكتب ولا أكتب"٢)

وكما اختلف الصحابة في صفة الأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كثرة المروي وقلته لأسباب أشرنا إليها كذلك اختلفوا في فقه الحديث حسب اختلافهم في الفهم والاستعداد الفطري فلم يكونوا سواء في معرفة الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمفسر


(١) أخرجه أبو داود ٤/٦٠، كتاب العلم، باب في كتابة العلم، ح ٣٦٤٦ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ٢/٦٩٥، ح ٣٠٩٩.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه مع ١/٢٠٦، كتاب العلم، باب كتابة العلم ح ١١٣.

<<  <   >  >>