حتى كأنه لم تبق قبيلة من قبائل العرب إلا قدم منها وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد عرف الصحابة رضي الله عنهم تلك الوفود وفداً وفدا وحفظوا ما حدثهم به النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وما خطبهم من خطب وما بثه فيهم من مواعظ ونصائح وأحكام وسنن حتى إنك لتجد كتب الحديث والسير والمغازي مملوءة بذكر هذه الوفود وما كان لها من أثر عظيم في نشر الدين والسنن سواء ما كان من هذه الوفود في سنة تسع وما كان قبلها. وهاك بعض الوفود التي أقبلت عليه صلى الله عليه وسلم:-
١- وفد بني سعد بن بكر- وكان وافدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو ضمام بن ثعلبة وفد على رسول الله سنة تسع من الهجرة ولما قدم المدينة وجد النبي صلى الله عليه وسلم جالساً بين أصحابه ولا يعرفه، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فأشاروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدنا منه وقال:"إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، قال: سل عما بدا لك، فقال: يا محمد جاءنا رسولك فذكر لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: صدق، فقال أنشدك برب من قبلك وبرب من بعدك، قال: اللهم نعم، أنشدك بالله آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟، قال اللهم نعم، قال: وأنشدك بالله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟، قال: اللهم نعم، قال: وأنشدك بالله آلله أمرك أن تأخد هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم نعم، فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة"(١) ثم رجع ضمام إلى قومه فأسلموا جميعاً.
(١) أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح ١/ ١٤٨، كتاب العلم، باب ما جاء في العلم، ح ٦٣.