للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وحق للأمة الإسلامية أن تتثبت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتستوثق له - وهو المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم، فكما احتاط الصحابة والتابعون وأهل العلم من بعدهم في رواية الحديث، احتاطوا وتثبتوا في قبول الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمثلة تثبت الصحابة والتابعين ومن خلفهم أكثر من أن تحصى، وسنكتفي بذكر مثال عليها:

روى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي، فرجعت فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع". فقال: والله لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبيّ بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) .

ولم يكن التابعون وأتباعهم أقل اهتماما من الصحابة بالاحتياط لقبول الحديث فكانوا يتثبتون من الراوي بكل وسيلة تطمئن إليها قلوبهم وإن من يتتبع تاريخ الرواة، وكيفية تحملهم الحديث الشريف؛ ليدرك تماما جهود التابعين وأتباعهم، تلك الجهود التي بذلوها لنقل السنة إلى خَلَفهم، وهذا مثال يدل على ذلك:

١ - عن عبادة بن سعيد التجيبي أن عقبة بن نافع الفهري أوصى بنيه فقال: (يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة) .


(١) أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح ١١/٢٦، كتاب الاستئذان، باب الاستئذان ثلاثاً، ح ٦٢٤٥.

<<  <   >  >>