للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثاني: علم الرجال أو ما يسمى بالجرح والتعديل وقد ظهر هذا العلم في عصر الصحابة والتابعين ولكن اشتدت الحاجة إليه في عصر أتباع التابعين، حيث كان التابعون وأتباعهم وأهل العلم من بعدهم يبينون أحوال الرواة وينقدونهم ويعدلونهم حسبة لله، لا تأخذهم خشية أحد ولا تتملكهم عاطفة، فليس أحد من نقاد الحديث ورجاله يحابي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه ولا أخاه ولا ولده، وقد قصد الجميع خدمة الشريعة الإسلامية وحفظ مصادرها، فصدقوا القول وأخلصوا النية.

فهذا شعبة بن الحجاج (٨٢-١٦٠هـ) يُسأل عن حديث حكيم ابن جبير فيقول (أخاف النار) (١) وكان شديداً على الكذابين، ولهذا قال الإمام الشافعي: (لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق) (٢) .

وقد كان أئمة الحديث يدققون في حكمهم على الرواة, يعرفون كل محدث ما له وما عليه

قال الإمام الشعبي: (والله لو أصبت تسعاً وتسعين مرة وأخطأت مرة لعدو علي تلك الواحدة) (٣)

وقال يحيى بن سعيد القطان: (سألت سفيان الثوري وشعبة ومالكاً وابن عيينةَ عن الرجل يكون ثبتاً في الحديث، فيأتيني الرجل فيسألني عنه، قالوا أخبر عنه أنه ليس بثبت) (٤)


(١) الجرح والتعديل ١/١٤٠.
(٢) تذكرة الحفاظ ١/١٩٣.
(٣) تذكرة الحفاظ ١/٨٢.
(٤) ضعفاء العقيلي ١/١٤.

<<  <   >  >>