للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنهم اختلفوا في تأويلها وفهمها. ومثال ذلك الأحاديث التي تمنع المرأة البكر من الزواج بغير إذن وليها (١) ، هذه الأحاديث قد قبلت في المذهب الحنفي إلا أن الأحناف أولوها بأنها مصروفة إلى المرأة التي لم تبلغ، أما المذهب الشافعي فقد قبل هذه الأحاديث وعمم مضمونها ليشمل المرأة البكر البالغ وغير البالغ.

٤- اعتمد نشوء المذاهب العقدية في القرون الثلاثة الأولى للإسلام على تفسيرات عديدة لنصوص القرآن والسنة.

٥- إن علم مختلف الحديث خير شاهد على اعتناء العلماء بنقد المتون، فهذا العلم يعنى بالأحاديث النبوية الشريفة التي ظاهرها التعارض (٢) . وقد اهتم العلماء مبكرا بهذا العلم بدءا من مؤلَّف الإمام محمد بن إدريس الشافعي: اختلاف الحديث (٣) ، وغيره من المؤلفات ككتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، وكتاب مشكل الآثار للطحاوي. أضف إلى ذلك فقد ذكر العلماء وجوها عديدة للترجيح بين مختلف الحديث بعضها راجعة للسند وأخرى راجعة للمتن، ذكر منها الحافظ العراقي والسيوطي والآمدي مائة وجه وعشرة أوجه (٤) . كل هذا يدل على عناية فائقة من علمائنا بنقد المتن حتى قال ابن خزيمة (٣١١ هـ) : «ليس ثم حديثان متعارضان من كل وجه، ومن وجد شيئا من ذلك فليأتني لأؤلف له بينهما» (٥) .


(١) انظر هذه الأحاديث ومعانيها في الشوكاني، نيل الأوطار، ج: ٥، ص: ١٢٠ – ١٢٣
(٢) عبد المجيد السوسوة، منهج التوفيق والترجيح، (عمان: دار النفائس، ١٩٩٨م) ، ص: ٥٤.
(٣) انظر الزركلي، الأعلام، ج:٦، ص: ٢٦.
(٤) عبد المجيد السوسوة، منهج التوفيق والترجيح، ص: ٣٣١، ٤٢٩ – ٤٥٧.
(٥) المرجع السابق نفسه، ص: ٧١ – ٧٢.

<<  <   >  >>