للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فحاشاهم. وبين أهل العلم أن هذا هو الشرك الأكبر، عبادة الأصنام؛ فإن الله سبحانه إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليُعبد وحده ولا يدعى معه إله آخر. والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل الشمس والقمر والصالحين والتماثيل المصورة على صورهم، لم يكونوا يعتقدون أنها تُنْزل المطر أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدون الملائكة والصالحين ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله. فبعث الله الرسل وأنزل الكتب تنهى عن أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء الاستغاثة.

واعلم أن المشركين في زماننا قد زادوا على الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بأنهم يدعون الملائكة والأولياء والصالحين، ويريدون شفاعتهم والتقرب إليهم، وإلا فهم مقرّون بأن الأمر لله؛ فهم لا يدعونها إلا في الرخاء، فإذا جاءت الشدائد أخلصوا لله، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} ١ الآية.

واعلم أن التوحيد: هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهو دين الرسل الذي أرسلهم الله به إلى عباده. فأولهم نوح، عليه السلام، أرسله الله إلى قومه لما غلوا في الصالحين: ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر. وآخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كسر صور الصالحين، أرسله الله إلى أناس يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيراً، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله تعالى، يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله تعالى، ونريد شفاعتهم عنده، مثل الملائكة وعيسى ومريم وأناس غيرهم من


١ سورة الإسراء آية: ٦٧.

<<  <   >  >>