[الرسالة الثامنة والثلاثون: رسالتة إلى الأخوان المؤمنين]
...
-٢- الرسالة الثامنة والثلاثون
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب، إلى من يصل إليه من الإخوان، المؤمنين بآيات الله، المصدقين لرسول الله، التابعين للسواد الأعظم من أصحاب رسول الله والتابعين لهم بإحسان، وأهل العلم والإيمان المتمسكين بالدين القيم عند فساد الزمان، الصابرين على الغربة والامتحان؛ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فإن الله سبحانه بعث نبيكم صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وأهل الأرض من المشرق إلى المغرب قد خرجوا عن ملة إبراهيم، وأقبلوا على الشرك بالله، إلا بقايا من أهل الكتاب؛ فلما دعا إلى الله، ارتاع أهل الأرض من دعوته، وعادوْه كلهم، جهالهم وأهل الكتاب عبادهم وفساقهم، ولم يتبعه على دينه إلا أبو بكر الصديق، وبلال، وأهل بيته صلى الله عليه وسلم، خديجة وأولادها، ومولاه زيد بن حارثه، وعلي رضي الله عنه.
قال عمرو بن عبسة:" لما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، قلت: ما أنت؟ قال: نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله. قلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يُعبد الله لا يُشرك به شيئاً. قلت: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد "، ومعه يومئذ أبو بكر وبلال. فهذا صيغة بدو الإسلام، وعداوة الخاص والعام له، وكونه في غاية الغربة. ثم قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ " ١.
فمن تأمل هذا وفهمه، زال عنه شبهات شياطين الإنس، الذين يجلبون على من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيل