للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في زواله وتثبيت الشرك بالنفس والمال، خلاف ما عليه الرسل وأتباعهم، فإنهم يجاهدون حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ١.

وأما قولك: أبغي أشاور إبراهيم، فلا ودي تصير ثالثاً لابن عباد وابن عيد؛ أما ابن عباد فيقول: أي شيء أفعل بالعناقر، وإلا فالحق واضح ونصحتهم وبينت لهم. وابن عيد أنت خابره، حاول إبراهيم في الدخول في الدين، وتعذر من الناس أن إبراهيم ممتنع. يا سبحان الله! إذا كان أهل الوشم وأهل سدير وغيرهم يقطعون أن كل مطوع في قرية لو ينقاد شيخها ما منهم أحد يتوقف، كيف يكون قدر الدين عندكم؟ كيف قدر رضى الله والجنة؟ كيف قدر النار وغضب الله؟ ولكن ودي تفكر فيما تعلم لما اختلف الناس بعد مقتل عثمان، وبإجماع أهل العلم أنهم لا يقال فيهم إلا الحسنى مع أنهم عثوا في دمائهم. ومعلوم أن كلاً من الطائفتين: أهل العراق وأهل الشام، معتقدة أنها على الحق والأخرى ظالمة؛ ونبغ من أصحاب علي من أشرك بعلي، وأجمع الصحابة على كفرهم وردتهم وقتلهم، لكن حرقهم علي، وابن عباس يرى قتلهم بالسيف. أترى أهل الشام لو حملهم مخالفة علي على الاجتماع بهم، والاعتذار عنهم والمقاتلة معهم لو امتنعوا، أترى أحداً من الصحابة يشك في كفر من التجأ إليهم، ولو أظهر البراءة من اعتقادهم، وإنما التجأ إليهم وزين مذهبهم لأجل الاقتصاص من قتلة عثمان؟ فتفكر في هذه القضية فإنها لا تبقى شبهة إلا على من أراد الله فتنته.

وغير ذلك: قولك أريد أماناً على كذا وكذا، فأنت مخالف؛ والخاص والعام يفرحون بجيتك مثل ما فرحوا بجية ابن غنام، والمنقور، وابن عضيب، مع أن ابن عضيب أكثر الناس سباً لهذا الدين إلى الآن، وراحوا موقرين


١ في المخطوطة زيادة: (والفتنة: الشرك، بإجماع المفسرين) .

<<  <   >  >>