للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآيات التي استدل بها ليس هذا معناها، فاضرع إلى الله، واسأله أن يهديك لما اختلفوا فيه من الحق، وتجرد إلى ١ الله ناظر أو مناظر. واطلب كلام أهل العلم في زمانه، مثل الحافظ الذهبي وابن كثير وابن رجب وغيرهم، ومما ينسب للذهبي، رحمه الله:

العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة ليس خلف فيهِ

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأي فقيه

فإن لم تتبع هؤلاء، فانظر كلام الأئمة قبلهم، كالحافظ البيهقي في كتاب "المدخل" والحافظ ابن عبد البر والخطابي وأمثالهم، ومن قبلهم كالشافعي وابن جرير وابن قتيبة وأبي عبيد؛ فهؤلاء إليهم المرجع في كلام الله وكلام رسوله وكلام السلف. وإياك وتفاسير المحرفين للكلم عن مواضعه وشروحهم، فإنها القاطعة عن الله وعن دينه. وتأمل ما في كتاب "الاعتصام" للبخاري، وما قال أهل العلم في شرحه.

وهل يتصور شيء أصرح مما صح عنه صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على أكثر من سبعين فرقة، أخبر أنهم كلهم في النار إلا واحدة، ثم وصف تلك الواحدة أنها التي على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وأنتم مقرون أنكم على غير طريقتهم، وتقولون: ما نقدر عليها، ولا يقدر عليها إلا المجتهد، فجزمتم أنه لا ينتفع بكلام الله وكلام رسوله إلا المجتهد، وتقولون: يحرم على غيره أن يطلب الهدى من كلام الله وكلام رسوله وكلام أصحابه، فجزمتم وشهدتم أنكم على غير طريقتهم، معترفين بالعجز عن ذلك. وإذا كنتم مقرين أن الواجب على الأولين: اتباع كتاب الله وسنة رسوله، لا يجوز العدول عن ذلك، وأن هذه


١ في المخطوطة: (إلى الله ناظراً ومناظراً) .

<<  <   >  >>