مذهب الجهمية والمعتزلة، وأن ابن عيدان وصاحبه أنكرا ذلك مثل ما أنكره أحمد والعلماء كلهم على أهل البدع. وقوله في الكتاب: ومذهب أهل السنة إثبات، من غير تعطيل ولا تجسيم ولا كيف ولا أين ... إلخ، وهذا من أبين الأدلة على أنه لم يفهم عقيدة الحنابلة، ولم يميز بينها وبين عقيدة المبتدعة؛ وذلك أن إنكار الأين من عقائد أهل الباطل، وأهل السنة يثبتونه اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح أنه قال للجارية:" أين الله؟ "، فزعم هذا الرجل أن إثباتها مذهب المبتدعة، وأن إنكارها مذهب أهل السنة كما قيل: وعكسه بعكسه.
وأما الجسم، فتقدم الكلام أن أهل الحق لا يثبتونه ولا ينفونه، فغلط عليهم في إثباته. وأما التعطيل والكيف فصدق في ذلك؛ فجمع لكم أربعة ألفاظ: نصفها حق من عقيدة الحق، ونصفها باطل من عقيدة الباطل، وساقها مساقاً واحداً، وزعم أنه مذهب أهل السنة، فجهل وتناقض. وقوله أيضاً: ويثبتون ما أثبته الرسول صلى الله عليه وسلم من السمع والبصر والحياة والقدرة والإرادة والعلم والكلام ... إلخ، وهذا أيضاً من أعجب جهله؛ وذلك أن هذا مذهب طائفة من المبتدعة يثبتون الصفات السبع، وينفون ما عداها ولو كان في كتاب الله، ويؤولونه. وأما أهل السنة، فكل ما جاء عن الله ورسوله أثبتوه، وذلك صفات كثيرة؛ لكن أظنه نقل هذا من كلام المبتدعة وهو لا يميز بين كلام أهل الحق من كلام أهل الباطل.
إذا تقرر هذا، فقد ثبت خطؤه من وجوه:
الأول: أنه لم يفهم الرسالة التي بعثت إليه.
الثاني: أنه بهت أهلها بإثبات الجسم وغيره.
الثالث: أنه نسبهم إلى الرافضة، ومعلوم أن الرافضة من أبعد الناس عن هذا المذهب وأهله.