ارتباط الرسول صلى الله عليه وسلم بملة إبراهيم، {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً}[الأنعام: ١٦١] ، وقوله سبحانه:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً}[النحل: ١٢٣] ، ولم يكن هناك احتكاك بين محمد صلى الله عليه وسلم واليهود قبل هجرته إلى المدينة باعتراف المستشرقين أنفسهم، هذا بالإضافة إلى إشارة المولى عز وجل في كتابه الكريم إلى ارتباط الرسالة المحمدية برسالات الرسل من قبله بمن فيهم موسى وعيسى عليهما السلام قبل أن يحاول عليه الصلاة والسلام كسب اليهود إلى جانبه كما يدعي وات، ومن ذلك الآية الكريمة {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى: ١٣] ، والآية {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}[الأحقاف: ٣٠] . ولعله يتضح من هذا عدم وجود دليل وراء الزعم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن في بداية عهده في المدينة أن الإسلام متطابق مع اليهودية ليكسب اعتراف اليهود بنبوته، فلما أعرضوا هاجمهم واتهمهم بالتحريف وادعى أنه على دين إبراهيم.
ويتناول وات تطور العلاقة بين اليهود والرسول صلى الله عليه وسلم وبين قبائل اليهود الرئيسة في المدينة، فيذكر أن الرسول بدأ بإجلاء بني قينقاع؛ لأن هذه القبيلة كانت أضعف الثلاثة ولم يكن لها حلفاء أقوياء من بين الأنصار ممن كان يستند الرسول إلى تأييدهم على عكس ما كان عليه الوضع بالنسبة للقبيلتين الأخريين، فقد كانتا متحالفتين مع بعض بطون الأوس القوية التي كانت تمثل