للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سندا للرسول صلى الله عليه وسلم (١) . ويضيف وات سببين آخرين وراء القرار الذي اتخذه الرسول صلى الله عليه وسلم بإجلاء يهود بني قينقاع من المدينة: إما رفضهم الاندماج في المجتمع المسلم؛ وإما رغبة في إفساح المجال أمام المهاجرين ليسيطروا على سوق المدينة بعد أن كانت هذه السيطرة حكراً على يهود بني قينقاع.

والرد على هذا الادعاء الباطل يبدأ بالقول بأن بني قينقاع كانوا هم فعلاً تجار المدينة وقادتها الاقتصاديين حتى إن سوق المدينة كان يسمى بسوق قينقاع، ولكنهم بطروا معيشتهم، وطاش أمرهم في أكثر من اتجاه، أولاً: تجاه ربهم إذ قال كبراؤهم قولاً إداً وسمع الله قولهم {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: ١٨١] ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وإذْ تجرؤوا على ربهم فليس من الغريب أن يتجرؤوا على دولة الإسلام في المجتمع المدني ثانيا، قد أظهروا أمارات كثيرة لتحديهم للسلطة الإسلامية في المدينة والكيد لها والتربص بها، ولا أدل على ذلك من الحادثة التي ذكرها ابن هشام (٢) : " كان من أمر بني قينقاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاهم في سوق قينقاع، ثم قال: "يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما أنزل بقريش من النقمة وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم، قالوا: "يا محمد إنك ترى أنا كقومك، ولا يغرنك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، أما والله لو حاربتنا لتعلمن أنا نحن خير الناس"، والسياق التاريخي الذي وقعت فيه هذه الحادثة


(١) مونتقمري وات، المرجع السابق، ص ١٩٤- ١٩٦.
(٢) ابن هشام، سيرة النبي، ١١/٥١.

<<  <   >  >>