للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو أنها حدثت بعيد غزوة بدر أي في حال قوة المسلمين التامة وتمكنهم من أمرهم وأمر مدينتهم تماما، وبنو قينقاع لم يأخذوا في ردهم هذا الاعتبار ولم يميلوا مع الريح ولكنهم لكونهم إلى قوتهم، حيث كانوا يشتغلون بصناعة السلاح وعندهم الكثير منه، ردوا - على دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بالحسنى وعمله بأمر ربه بأن يبلغ ما أنزل إليه - بتحد صارخ لسلطته وأظهروا ما تضمره صدورهم من العداء، أليس في هذا المستشرق وات وغيره إعلان حرب صريح من طرف واحد؟

وثالثاً: القشة التي قصمت ظهر البعير هي حادثة الأنصارية التي يرويها ابن هشام (١) : "أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق قينقاع، وجلست إلى صائغ فجعلوا يراودونها على كشف وجهها، فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده على ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا منها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين فغضب المسلمون على اليهود فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع"، وهذا استفزاز بيّن لحمية العرب وانتهاك لحرمة عرض امرأة مسلمة، حق على السلطان حمايته، ولكن المستشرق الغربي يسقط واقعه الذي يعيش فيه ويصدر الأحكام وفق معطياته على أناس يبعدون عنه كل البعد زماناً ومكاناً وثقافة، حيث يدعي وات أن الرسول صلى الله عليه وسلم هاجم قبيلة بني قينقاع اليهودية بعد أن أدت خصومة تافهة لموت مسلم (٢) ، ولكن في واقع الأمر يعد هذا نقضا


(١) ابن هشام، سيرة النبي، ١١/٥١.
(٢) مونتقمري وات، Muhammad at Medina، ص ١٥.

<<  <   >  >>