للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة حيث زينوا للحكام المنكرات، وأحلوا لهم الحرام، فباءوا بأخسر صفقة، وكانوا من الذين قال الله تعالى فيهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} ١.ولا ننسى في هذا المقام، مقام الجهاد في سبيل الله، والنصح لله، ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين - ما كان للأئمة الأربعة؛ أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، ومالك بن أنس، وتلاميذهم، من جهاد مبرور في حفظ الشريعة وحمايتها من كل دخيل يدخل عليها من البدع، والأهواء والتأويلات المفسدة لكتاب الله وسنة رسوله.. فعلى طريق هؤلاء الأئمة سار عامة المسلمين على هدى وبصيرة من دين الله، وأحكام شريعته، كما لا ننسى في هذا المقام أيضا مقام هذا الجهاد لحماية دين الله ما قام به أئمة الحديث من تدوين السنة النبوية الشريفة، وتحقيق الصحيح منها، وعزل الموضوعات عنها، فرضوان الله عليهم أجمعين. فإذا نحن انتقلنا إلى عصرنا الحاضر، وما لأئمة الجهاد فيه من بلاء عظيم وجهاد صادق في الذود عن دين الله والنصح لله ولرسوله ولكتابه وللمؤمنين- وجدنا لهذا العصر مقدمات مباركة، من جهاد المجاهدين الصادقين الذين لا تزال أنفاسهم الطاهرة المباركة تعطر أجواء الحياة من حولنا، وتمد الأجيال المعاصرة بأمداد طيبة من الزاد الذي يقوي عزائم المؤمنين المجاهدين، ذوى الغيرة على دين الله من أن يتصدع بنيانه، أو تتداعى أركانه. وهكذا تتصل حلقات المجاهدين بسلسلة طويلة متينة من أئمة الجهاد الذين يضمهم هذا الركب المبارك من مطلع الدعوة إلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولاشك أن على رأس عصرنا هذا من أئمة المجاهدين الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي طلع على الأمة الإسلامية بعد نوم طويل ثقيل، وفي وطأة كابوس كئيب، تعوي فيه ذئاب البدع والضلالات، فصرخ من أعماقه تلك الصرخة المدوية


١ سورة البقرة آية: ١٦.

<<  <   >  >>