ثم يقول الأستاذ طه المدور:"ولكن اتضح بعد ذلك أن هذه التقولات المتضاربة في حق الوهابية كانت غير صحيحة؛ لأنها - أي الدعوة - تبعد عن القرمطية، وعما يسمونه بالمروق عن الدين بعد السماء عن الأرض.. "وعلى العكس، مما يتقوله أعداء الدعوة، فإن تعاليمها العتيدة وجدت متطابقة مع نصوص القرآن والأحاديث النبوية. حتى أنه في سنة ١٨١٥م سافر مندوبان عن الوهابية وقابلا والي مصر آنذاك محمد علي باشا الكبير فأمر رهطا كريما من العلماء ومن رجال الأزهر بفتح باب المناظرة بينهم وبين ذينك الشيخين الوهابيين. "فعقد الطرفان عدة اجتماعات، طلب فيها علماء مصر من المندوبين النجديين إعطاء التفاصيل الوافية عن المذهب الوهابي. فراحت المناظرات تجري بين الجانبين واتسع نطاق الجدل والمدارسة، حتى عقدت راية الفوز في النهاية للوهابيين، وذلك باقتناع علماء مصر بأن تعاليم المذهب الوهابي!! تنطبق بمجموعها على منطوق الآيات القرآنية، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم " ثم يقول الأستاذ المدور: "وأغرب من هذا، فقد أثبت الضيفان الوهابيان، خلال تلك المناظرات الدينية أنهما يحفظان القرآن الكريم، والمعاني العديدة من الأحاديث النبوية". "وقد نشر علماء الأزهر على أثر ذلك بيانا أعلنوا فيه أنهم لم يروا شذوذا دينيا في المبادئ الوهابية.. وفوق ذلك كان في جملة ما نقله المندوبان الوهابيان إلى مصر كتابا خطيا في العقائد وضعه الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن المذهب الوهابي، فطالعه العلماء في الأزهر، وصرحوا بعد ذلك بلسان واحد قائلين: "إذا كانت الوهابية كما سمعنا وطالعنا فنحن وهابيون" ١.
١ ليست الوهابية مذهبا, وإنما هى دعوة مجددة للدعوة الإسلامية من أساسها وهي المؤمنة بالله الأحد الواحد لا شريك له, المطهرة من أرجاس الشرك، فليس فيها جديد, وإنما هي الإسلام الحنيف المبرأ من الشرك ... أما المذاهب الأربعة المعروفة في الإسلام, فهي اجتهادات في الفروع, التي لا تمس الأصول أبدا حيث لا اجتهاد في هذه الأصول, من الإيمان بالله, ورسله وملائكته, وكتبه, واليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره.