للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١.ويقول تبارك اسمه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} ٢.إنه ابتلاء، وامتحان.. وبهذا الابتلاء وبذلك الامتحان تنكشف معادن الناس ويعرف مكان الإيمان منهم، وإلا لكانوا على حال سواء.

لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر، والإقدام قتال

وفي هذا المقام من الابتلاء، تختلف بأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المواقف، وتتمايز المنازل والدرجات حسب ما في قلوبهم من إيمان بما يدعون إليه، وبما عندهم من رصيد العزم والصبر على المكاره. فهم -وإن كانوا جميعا على طريق الجهاد، وفي مواقع الابتلاء- ليسوا على سواء في الصبر على الشدائد، وتحمل البلاء.. بل {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} ٣.فأكثر دعاة الخير بلاء وأوفرهم نصيبا من الضر والأذى في سبيل دعوته، هو من كان أوثقهم بالله إيمانا، وأقربهم إلى الله منزلة. فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: " قلت يا رسول الله. أي الناس أشد بلاء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة هون عليه.. فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض، وما عليه خطيئة " ٤ أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن.


١ سورة العنكبوت آية: ٢-٣.
٢ سورة البقرة آية: ٢١٤.
٣ سورة آل عمران آية: ١٦٣.
٤ الترمذي: الزهد ٢٣٩٨ , وابن ماجه: الفتن ٤٠٢٣ , وأحمد ١/١٧٢ ,١/١٧٣ ,١/١٨٠ ,١/١٨٥, والدارمي: الرقاق ٢٧٨٣.

<<  <   >  >>