للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمور قد أتاها على غير الهداية, فهو يحتاج إلى التوبة منها, وأمور هدى إلى أصلها دون تفصيلها أو هدى إليها من وجه دون وجه, فهو يحتاج إلى إتمام الهداية فيها ليزداد هدى, وأمور هو يحتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها بالمستقبل مثل ما حصل له في الماضي, وأمور هو خال عن اعتقاد فيها فهو يحتاج إلى الهداية فيها, وأمور لم يفعلها فهو يحتاج إلى فعلها على وجه الهداية, وأمور قد هدي إلى الاعتقاد الحق والعمل الصواب فيها فهو محتاج إلى الثبات عليها.

إلى غير ذلك من أنواع الهدايات- فرض الله سبحانه عليه أن يسأله هذه الهداية في أفضل أحواله مرات متعددة في اليوم والليلة, ثم بين أن أهل هذه الهداية هم المختصون بنعمتة دون المغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ولم يتبعوه, ودون الضالين وهم الذين عبدوا الله بغير علم. فالطائفتان اشتركتا في القول في خلقه وأمره وأسمائه وصفاته بغير علم. فسبيل المنعم عليه مغايرة لسبيل أهل الباطل كلها علما وعملا.

فلما فرغ من هذا الثناء والدعاء والتوحيد شرع له أن يطبع على ذلك بطابع من التأمين يكون كالخاتم له وافق فيه ملائكة السماء وهذا التأمين من زينة الصلاة كرفع اليدين الذي هو زينة الصلاة واتباع للسنة وتعظيم أمر الله وعبودية اليدين وشعار الانتقال من ركن إلى ركن. ثم يأخذ في مناجاة ربه بكلامه واستماعه من الإمام بالانصات وحضور القلب وشهوده.

وأفضل أذكار الصلاة ذكر القيام وأحسن هيئة المصلي هيئة القيام, فخصت بالحمد والثناء والمجد وتلاوة كلام الرب جل جلاله, ولهذا نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود؛ لأنهما حالتا ذل وخضوع وتضامن وانخفاض, ولهذا شرع فيهما من الذكر ما يناسب هيئتهما فشرع للراكع أن يذكر عظمة ربه في حال انخفاضه هو وتطامنه وخضوعه, وأنه سبحانه يوصف بوصف عظمته عما يضاد كبرياءه وجلاله وعظمته فأفضل ما يقول الراكع على الاطلاق: سبحان ربي العظيم, فإن الله سبحانه أمر العباد بذلك وعين المبلغ عنه السفير بينه وبين عباده هذا المحل

<<  <   >  >>