للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تسبيحات, ولعله خفف مرة لعارض فشهده عم السعدي أو أبوه فأخبر به, وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم أن طول صلاة الرجل من فقهه, وهذا الحكم أولى من الحكم له بقلة الفقه, فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحكم الحق وما خالفه فهو الحكم الباطل الجائر.

فروى مسلم في صحيحه من حديث عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة عن فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة". والمئنة: العلامة, وعند سراق الصلاة أن العجلة فيها من علامات الفقه فكلما سرق ركوعها وسجودها وأركانها كان ذلك علامة فضيلته وفقهه, وفي صحيح بن حبان وسنن النسائي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ولا يأنف المشي مع الأرملة والمسكين فيقضى له الحاجة, فهذا فعله وذاك قوله في مثل صلاة الجمعة التي يجتمع لها الناس, وكان يقرأ فيها سورة الجمعة والمنافقين كاملتين. ولم يقتصر على الثلاث الآيات من آخرهما في جمعة واحدة أصلا, فعطل كثيرا من الناس سنته فاقتصر على آخرهما, ولم يقرأ بهما كاملتين أصلا.

وكذلك كان يقرأ في فجر يوم الجمعة سورة "تنزيل السجدة". و {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ} كاملتين في الركعتين مع قراءته المترسلة على مهله وتأن, فعطل كثير من الائمة ذلك واقتصروا على هذه وهذه. وعلى إحدى السورتين في الركعتين ومن يقرأ بهما كاملتين, فكثير منهم يقرأ بهما بسرعة. وهذا مكروه للإمام, وكل هذا فرار من هديه صلى الله عليه وسلم.

فإن جاءهم حديث صحيح خالف ما ألفوه واعتادوه, قالوا: هذا منسوخ أو خلاف الإجماع, والعيار على ذلك عندهم مخالفة أقوالهم, ولو كانت أحاديث التطويل منسوخة لكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك, ولما احتجوا بها على من لم يعمل بها ولاعمل بها أعلم الأمة به وهم الخلفاء الراشدون, فهذا صديق الأمة وشيخ الإسلام صلى الصبح فقرأ البقرة من أولها إلى آخرها وخلفه والصغير الكبير وذو الحاجة, فقالوا له: يا خليفة رسول الله كادت الشمس تطلع, فقال لو طلعت الشمس لم تجدنا غافلين.

<<  <   >  >>