للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سنة الفجر حتى تقول عائشة أم المؤمنين: هل قرأ فيها بأم القرآن؟. وكان يخفف الصلاة في السفر حتى كان ربما قرأ في الفجر بالمعوذتين, وكان يخفف إذا سمع بكاء الصبي, فالسنة التخفيف حيث خفف, والتطويل حيث أطال, والتوسط غالبا, فالذي أنكره أنس هو التشديد الذي لا يخفف صاحبه على نفسه مع حاجته إلى التخفيف, ولا ريب أن هذا خلاف سنته وهديه.

وأما حديث معاذ وقوله: "أفتان أنت يا معاذ" , فلم يتعلق السراق منه إلا بهذه الكلمة ولم يتأملوا أول الحديث وآخره, فاسمع قصة معاذ:

فعن جابر بن عبد الله قال: أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل, فوافق معاذ يصلي فترك ناضحيه وأقبل إلى معاذ, فقرأ سورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل وبلغه أن معاذا نال منه, فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوا إليه معاذا, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفتان أنت"؟ أو قال: "أفاتن أنت ثلاث مرات"؟ ثلاث مرات. " فلولا صليت: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة". رواه البخاري ومسلم ولفظه للبخاري.

وفي مسند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك قال: كان معاذ بن جبل يؤم قومه فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخلة فدخل المسجد مع القوم فلما رأى معاذا طول تجوز في صلاته ولحق بنخله يسقيه, فلما قضى معاذ الصلاة قيل له ذلك فقال: إنه لمنافق أيعجل عن الصلاة من أجل سقي نخلة؟ قال فجاء حرام: النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ عنده فقال: يا بنى الله إني أردت أن أسقي نخلا لي فدخلت المسجد لأصلي مع القوم فلما طول تجوزت في صلاتي ولحقت بنخلي أسقيه, فزعم أني منافق, فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: "أفتان أنت؟ لا تطول بهم اقرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوها".

وعن معاذ بن رفاعة الأنصاري عن سليم من بني سلمة أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا, فقال رسول الله: "يا معاذ بن جبل لا تكن فتانا, إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك".

<<  <   >  >>